الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، أما بعد:
فعند قرائتي لرسالة الإمام الربيع في الرد على "النصيحة" للرحيلي وجدت فيها خيراً كثيراً وانطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم ((الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ)) أحببت أن أنتقي منها بعض الدرر –لأهميتها والحاجة الى معرفتها- وأضعها هنا مسبوقة بعنوان من وضعي -تنبيهاً على الفائدة- ولا أزعم في هذا الاستقصاء لما فيها وباب المشاركة مفتوح.
تقييم الامام الربيع لكتاب "النصيحة" للرحيلي:
قال الشيخ الربيع في ص 8 : فلم تكن نصيحته (أي الرحيلي) واضحة فلم يفرق فيها بين الظالم والمظلوم ولم يبين الغث من السمين مع كثرة ضوابطه التي لا يستفيد منها الا الظالم المخالف المسعر لهذه الفتنة التي تصدى لعلاجها الدكتور إبراهيم . ا.هـ
الرحيلي يفرح أهل البدع -في شروطه المزعومة- ويثبط أهل السنة (!):
قال الشيخ الربيع في ص45 : أكثرت من الشروط والضوابط (أي شروط الرد على المخالف) ولم تسق الأدلة على مشروعيتها أو وجوبها ولم تنقل عن الكتاب والسنة ولا عن أئمة الإسلام هذه الشروط والضوابط والله يقول: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ وهذا الإكثار من الضوابط والشروط مما يفرح به أهل الأهواء ويثبط كثيراً من أهل السنة . ا.هـالرحيلي يجعل -بطريقته- الرد على المبتدعة قريباً من المستحيل (!):
وقال الشيخ الربيع في ص47 : الذي يراجع كتب أئمة السنة في بيان عقيدة أهل السنة وبيان بطلان عقائد أهل البدع كثيراً ما يجد الأقوال الشديدة في أهل البدع جماعاتهم وأعيانهم ولا يجد فيها مثل أساليب الدكتور إبراهيم وشروطه وضوابطه التي تجعل نقد أهل البدع والمخالفين ما يقارب المستحيلات لا سيما وقد فاوت الله بين طباع الناس فهل يستطيع أحد أن يصب الناس في قالب واحد وإني لأعتقد أن من أوائل من يعجز عن تطبيق هذه الشروط وهذا المنهج لصاحب هذه النصيحة . ا.هـبين "نصيحة" الرحيلي ومنهج السلف بون شــاسع:
قال الشيخ الربيع ص 72 : قال الذهبي في " سير أعلام النبلاء " خلال ترجمته ليعقوب بن شبة : ( قال أحمد بن كامل القاضي: كان يعقوب بن شيبة من كبار أصحاب أحمد بن المعذل، والحارث بن مسكين، فقيها سريا، وكان يقف في القرآن .قلت: أخذ الوقف عن شيخه أحمد المذكور، وقد وقف علي بن الجعد، ومصعب الزبيري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وجماعة، وخالفهم نحو من ألف إمام، بل سائر أئمة السلف والخلف على نفي الخليقة عن القرآن، وتكفير الجهمية، نسأل الله السلامة في الدين.قال أبو بكر المروذي: أظهر يعقوب بن شيبة الوقف في ذلك الجانب من بغداد، فحذر أبو عبد الله منه، وقد كان المتوكل أمر عبدالرحمن بن يحيى بن خاقان أن يسأل أحمد بن حنبل عمن يقلد القضاء، قال عبد الرحمن: فسألته عن يعقوب بن شيبة، فقال: متبدع صاحب هوى .
قال الخطيب: وصفه أحمد بذلك لاجل الوقف ) . ا.هــ
فكيف لو رأوا هؤلاء الذين يؤصلون للدفاع عن معطلة صفات الله وعن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان .
فانظر هداك الله للبون الشاسع بين مقرراتك في هذه النصيحة وبين منهج السلف الصالح في الانتصار لدين الله وحمايته وإهانة أهل الباطل والأحكام الصادعة بتبديعهم . ا.هــ(الحلبي = الدجال الحقير المبتدع) مخالف للكتاب والسنة والإجماع !قال الإمام الربيع ص 19 : فذهب هذا المسكين (أي القاسمي) إلى مخالفة الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة، فيمدح المذمومين الضالين ويطعن ويشوه أهل السنة الثابتين ويرميهم بالجهل والتعصب والغلو والتقليد .. الخ
وسار على هذا المنهج الباطل ونسج منواله أبو الحسن المأربي وعدنان عرعور وعلي حسن عبدالحميد في حرب أهل السنة وإسقاط علمائهم ورميهم بالغلو والدفاع عن أهل الباطل والبدع واختراع الأصول الفاجرة لهذا الدفاع المخزي واعتبارهم أهل البدع من أهل السنة. ا.هـهل يخرج المرء من السنة لتقصيره في جانب الأخلاق ؟(!):
قال الربيع ص21 : من حقق اعتقاد أهل السنة وسار على منهجهم ولاء وبراء وحصل منه قصور في الأخلاق لا يخرج عن دائرة أهل السنة إلى دائرة البدعة، وما عرفنا عن أهل السنة تبديع من يقصر في الأخلاق وحتى لو وقع السني في بعض المعاصي لا يخرج بذلك عن دائرة السنة .ا.هـ
الذب عن المبطليين وخذلان أهل السنة جرأ أهل الباطل في تماديهم:
قال الربيع ص 26 : هناك أناس مع الأسف يغتاظون من الرد على أهل الباطل والأخطاء ويتحمسون لموالاتهم والذب عنهم ويجفون ويتنكرون لمن يردون الباطل والأخطاء ويخذلونهم أشد الخذلان ويوهمون الناس أن هذا من الرفق والحكمة وهذا من أشد أنواع الابتلاء والمحن الأمر الذي جرأ أهل الباطل على التمادي في باطلهم ونشر فتنتهم على مستوى العالم وليت هذا الصنف يدركون عواقب مواقفهم الخطيرة . ا.هـ
ومن صور هذا التخذيل ما يفعله بعض المحامين عن جمعية إحياء التراث من الطعن في علم ومنهج من يحذر منها بل والطعن في نية مشايخ السنة الفضلاء الذين بينوا حالها للناس وقاموا بواجب النصيحة، ومن ذلك قول بعضهم ( فلان تاجر ويرد على التراث لأن مؤسسها طارقاً عيسى تاجر أيضاً وبين عائلة فلان وعائلة العيسى نزاعات تجارية فلهذا هو يرد عليهم (!) ).
قال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، وقال صلى الله عليه وسلم : (إِنِّى لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ قُلُوبَ النَّاسِ ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ )، ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد بل وصل الحال عند بعضهم الى النميمة بين أهل العلم لأجل افساد ذات البين ومن ذلك ذهاب فلان الفلان الى الشيخ عبدالمحسن العباد وسؤاله عن من لا يفتر من الحديث والكلام والتحذير من جمعية التراث ؟ فأجابه الشيخ بما لا يسره وخرج وهو يجر ذيول الخيبة ويقول بلسان مقاله لا حاله ( من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ! )ا.هـ ، ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.هل كان السلف يربطون هجر المبتدع والرد عليه بمصلحته ؟ أم أن مصلحة الأمة مقدمة على ذلك ؟
قال الربيع ص 33 : إذا كان العالم مهتماً بمصلحة المهجور فيهجره زجراً له لعله يعود إلى الحق فأعتقد فيه أنه يضع نصب عينيه مصلحة الأمة في الدرجة الأولى قبل مراعاته لمصلحة المهجور، ولذا قل ما تجد السلف يراعون هذه المصلحة في مواقفهم ومقالاتهم ومؤلفاتهم .
لذا ترى جل بل كل الأئمة لا يلتفتون فيه إلى هذه المصلحة الخاصة بالمهجور، قال شيخ الإسلام أبوعثمان الصابوني في كتابه "عقيدة السلف أصحاب الحديث" : ((ويقتدون بالسلف الصالحين من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين من الدين المتين والحق المبين .
ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سمع أباطيلهم التي إذا مرّت بالآذان وقرت في القلوب ضرَّت وجرَّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرَّت، وفيه أنزل الله عز وجل قوله: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾.وقال الإمام البغوي رحمه الله في شرح السنة خلال شرحه لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه في تخلف الثلاثة عن غزوة تبوك ومنهم كعب رضي الله عنه : ((وفيه دليل على أن هجران أهل البدع على التأبيد، وكان رسول صلى الله عليه وسلم خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج معه فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم، وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم براءتهم، وقد مضت الصحابة والتّابعون وأتباعهم وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم)) . أ.هـهل يهجر المبتدع إذا كان الهجر لا ينفع فيه ؟
قال الربيع ص 37 : إذا كان هذا المبتدع (الذي تسميه بالمخالف) لا ينفع فيه الهجر ولا اللين ولا التأليف وهو يدعوا الى بدعته ومبتدع آخر أخطر وأنشط منه وهو يدعوا الناس الى البدع والضلال وله أنصار وأتباع يدعون الى البدع والضلال ولهم مدارس ومناهج وهم أهل عناد ومكابرة وتماد في غيهم وضلالهم كما هو الواقع فما هو حكم الله فيهم ؟
أعتقد أنك لا تخالف في مشروعية هجرانهم وبيان ضلالهم ونقد ضلالتهم بالحجج والبراهين وهذا من منهج السلف الصالح . ا.هـ
من فوائد هجر المبتدعة والتحذير منهم:
قال الربيع ص 38 : قد يقال : وما الذي استفاده الإسلام وأهل السنة من هجران أهل الباطل والتحذير منهم ؟
والجواب : أن لذلك فوائد كثيرة منها أن المسلمين وخاصة عوامهم يستفيدون معرفة أن المهجور على باطل وضلال فيحذرونه ويزدادون تمسكاً بالحق ويستفيد الهاجر أنه قد حقق خيراً كثيراً ، من ذلك :
(أ) قيامه بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
(ب) قيامه بأصل الولاء والبراء .
(ج) قيامه بواجب النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ثم نيله الثواب العظيم على قيامه بهذه الأصول العظيمة، وهذه الأصول العظيمة والمقاصد الكريمة لها أدلتها وبراهينها في الكتاب والسنة .
وفي الكتاب الذم الشديد لمن لا يقوم بها وهي معلومة لدى العلماء وطلاب العلم .
فكان ينبغي أن تذكر على رأس المقاصد ولا ينبغي إغفالها .
(د) أن من يسكت عن أهل الباطل أو يدافع عنهم أو يداهنهم يقع في عدد من المخالفات العظيمة منها ما يناقض ما سلف ومنها التعاون على الإثم والعدوان مع أهل الباطل وخذلان أهل الحق وأهله بل والطعن فيهم . ا.هـهل هجر المبتدع مؤقت بزمان ؟
قال الربيع في ص 43 : ان كان الهجران للشخص من أجل بدعته فإن هجره يستمر إلى أن يتوب فإن لم يتب فعلى التأبيد، قال الإمام البغوي رحمه الله في " شرح السنة " خلال شرحه لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه في تخلف الثلاثة عن غزوة تبوك ومنهم كعب رضي الله عنه : (( وفيه دليل على أن هجران أهل البدع على التأبيد ، وكأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج معه فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم )) . ا.هـهل يجب على الراد أن يحب الهداية للمردود عليه ؟
قال الربيع في ص 45 : نعم الإخلاص والتجرد يجب أن يكونا في كل عمل يتقرب به الى الله، وينبغي أن يحب الراد للمردود عليه الهداية والرجوع الى الحق ولكن ذلك لا يجب ولا هو من لوازم الإخلاص فحتى الرسل الكرام –عليهم الصلاة والسلام- لا يرون أن ذلك من لوازم الإخلاص ولا من واجبات دعوتهم .
قال تعالى عن رسول الله نوح: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾، وقال تعالى ذاكراً دعاء موسى على فرعون وقومه: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه فقال: ( اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ )، وعن أنس رضي الله عنه (( .. إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أُنَاسٍ قَتَلُوا أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ ))، وعنه رضي الله عنه (( أن النبي صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شَهْرًا يَلْعَنُ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. )) . ا.هـهل الشدة على أهل البدع محمودة أم مذمومة ؟
قال الربيع ص46 : كانت الشدة على أهل البدع والباطل من محامد كثير من أئمة السنة، فمن يشتد منهم على أهل البدع لا يحاربونه ولا ينتقصونه ولا يعارضونه بل يجعلون ذلك من محامده ومزاياه، قال الامام عبدالله بن المبارك : (( ما رأيت أحداً أشبه بمسالك الأول من حماد بن سلمة ))، وقال وهيب بن خالد : (( كان حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا ))، وقال غيره : (( كان إماماً في العربية فقيهاً فصيحاً شديداً على المبتدعة صاحب تصانيف )) والثناء عليه كثير . ا.هـهل يجب على كل راد أ، يكون عالماً راسخاً (!) دقيق العبارة (!) قوي الحجة (!) عالماً بالأدلة وبكلام العلماء (!) مدركاً لمنشأ الشبهة (!)؟
قال الربيع ص 49 : يا حبذا أن يكون الرد من عالم راسخ صفاته كما ذكرت لكن استكمال هذه الصفات لا يجب في كل راد ولا يجب استكمالها في كل رد ولو اشترطنا ذلك في كل راد وكل رد لاستشرى الفساد واستولى على الأمة بأجمعها الإ النادر من الناس، يؤكد عدم صحة استكمال هذه الشروط أنك لا تجد في معظم بلاد الإسلام علماء سلفيين راسخيين ويوجد فيها طلاب علم ومع ذلك فإنه قد نفع الله بهم في نشر التوحيد ودحض الشركيات والبدع والخرافات ... وكتب السلف على كثرتها وكثرة ما فيها من الأقوال في الرد على البدع والمنكرات لم نجد فيها هذه القيود الشديدة، نعم يجب أن يكون رد العالم قائماً على الأدلة من الكتاب والسنة وبالأسلوب المناسب .. ا.هـ المراد، وفي هذا رد على من يزعم أن الرد –بإطلاق- لابد أن يصدر من عالم كبير كشيخ الاسلام مثلاً (!)، ولا أقول إلا غفر الله لإخواننا المتعجلين الطائشين.هل يلزم الراد معرفة الباعث على البدعة عند المردود عليه ؟ (!)
قال الربيع ص 52 : ولا يلزم الراد معرفة الباعث على البدعة أوالمعصية لأن ذلك مما لا يعلمه الا الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِنِّى لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ قُلُوبَ النَّاسِ ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ )) قاله صلى الله عليه وسلم في قصة ذي الخويصرة، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْىِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَإِنَّ الْوَحْىَ قَدِ انْقَطَعَ ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَىْءٌ ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِى سَرِيرَتِهِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ ، وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ )) .قاعدة (لا يلزمني) من الأصول الباطلة:
قال الربيع ص64 : ويزيد على هذا البلاء اختراع أصول باطلة لمواجهة أصول أهل السنة كأصل (نصحح ولا نجرح) وبعضهم يقول (نصحح ولا نهدم) وقاعدة (لا يلزمني) التي يردون بها الحق الواضح كالشمس ومفصلة تفصيلاً واضحاً جلياً وكأصلهم (المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة والأمة كلها) . ا.هـ
وفي هذا توضيح لموقف الشيخ من قضية الإلزام –وقد وضح هذا الأمر الأخ الحبيب حمود الكثيري في مقال له- لا كما زعمه بعض المغرر بهم أسأل الله أن يهديهم.ما معنى قول شيخ الإسلام ( وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ ) ؟
قال الربيع ص 66 : يقصد شيخ الإسلام بذم هذا التفريق هو تفريقهم في التضليل والتكفير بمسائل الأصول دون الفروع، وقد بين رحمه الله أن من مسائل الفروع ما يكفر به ومن مسائل الأصول ما لا يكفر به، وذلك –والله أعلم- راجع في الموضعين إلى الظهور والخفاء في المسائل .
فيكفر بإنكار الأمور الواضحة من الأصول والفروع، ويعذر المخطئ في الأمور الخفية من الأصول والفروع.أما التفريق بين مسائل الأصول والفروع من حيث إن هذه المسائل إذا كانت من مسائل الاعتقاد فهي عنده من الأصول العلمية وإن كانت هذه المسائل من مسائل الفروع كالوضوء والصلاة والحج وغيرها من المسائل العملية فشيخ الإسلام يرى هذا التفريق وذلك كثير جداً في مؤلفاته وعلماء المذاهب على هذا التفريق، ولهذا يسمون المسائل الفقهية العملية بالفروع ولهم فيها مؤلفات تسمى بكتب الفروع ويطلقون على مسائل العقائد والمؤلفات فيها بمسائل الأصول وكتب الأصول . ا.هـهل يعذر المجتهد في الأصول ؟
قال الربيع ص67 : بالنسبة للتفريق بين ما يعذر فيه المجتهد بالتأويل وغيره وما لا يعذر فيه يقول الإمام أبومحمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني (386) في كتابه " الجامع " : (ومن قول أهل السنة : أنه لا يعذر من وداه اجتهاده إلى بدعة لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يعذروا ؛ إذ خرجوا بتأويلهم عن الصحابة فسماهم عليه السلام مارقين ، وجعل المجتهد في الأحكام مأجوراً وإن أخطأ ).
فهذا الإمام ينسب هذا التفريق بين الأصول والأحكام -أي الفروع- إلى أهل السنة كما ترى ففرقوا بين الاجتهادين بناءاً على أن ذم الخوارج كان بسبب انحرافهم في أصل من الأصول لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذمهم ولم يعذرهم، ولم يذم رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتهدين المخطئين في الأحكام –الفروع- بل أثبت للمصيب أجرين وللمخطئ أجراً واحداً فقال صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ)).
وعمل السلف يؤيد ما نقله هذا الإمام فتراهم يضللون ويبدعون وقد يكفرون المخالفين في الأصول ولو في أصل واحد كالقول بخلق القرآن وإنكار علو الله واستوائه على عرشه وإنكار عذاب القبر والصراط والميزان يوم القيامة بخلاف الأحكام فلا يبدعون المخطئ فيها ولو كثرت أخطاؤه، ويمكن التوفيق بين هذين القولين بأن يحمل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية على إعذار المجتهدين الذين يقع الخطأ منهم في الأصول التي تخفى على بعض أهل العلم، ويحمل كلام ابن أبي زيد على من يضلون في الأمور الواضحة كالقول بخلق القرآن والقول بإكار القدر والقول بإنكار رؤية المؤمنين لله في الدار الآخرة ونحو ذلك . ا.هـمدح أهل البدع من الدعوة إلى بدعهم:
قال الربيع ص 78 : قال الإمام ابن كثير رحمه الله في " الباعث الحثيث " خلال كلامه عن الرواية عن أهل البدع : (وهذا البخاري قد خرج لعمران بن حطان الخارجي مادح عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي، وهذا من أكبر الدعاة إلى البدعة! والله أعلم ) . ا.هـ
فأقول انظر إلى هذا العالم الفحل كيف يعتبر مدح المبتدع من أكبر الدعوة إلى البدعة فكيف إذا أضاف إلى المدح الدفاع عن المبتدع وحارب من ينتقد بدعته فما أكثر هذه الأصناف حتى من أدعياء السلفية فإلى الله المشتكى . ا.هــهل يبدع المرء بمفردة واحدة ؟
قال الربيع ص 80 : إنه ليفهم من قول الدكتور إبراهيم : ( أهل البدع الذين يخالفون عقيدة أهل السنة ومنهجهم في الاستدلال والتعليم والتدريس والدعوة إلى الله، واتبعوا الأهواء ولم يتأسوا بعلماء أهل السنة بل يتنقصونهم ويغمزونهم ويتفضلون عليهم، هؤلاء مبتدعة ضُلال ) .
يفهم من هذا التعريف الطويل الذي قرره هنا ص39 وأكد هذا التقرير في فهرس الموضوعات ص48 حيث نقله بنصه وفصه أن الرجل أو الجماعة لا يحكم عليه أو عليها بالبدعة والضلال الإ إذا اجتمعت فيه أو فيهم كل هذذه الأمور وهذا تعريف وتقرير عجيب مخالف لأصول ومنهج أهل السنة والجماعة وأحكامهم ... السلف لا يشترطون للتبديع اجتماع الصفات التي سردها الدكتور إبراهيم فهم يبدعون بل يكفرون بمفردة واحدة من مفردات العقائد فقد كفروا غلاة القدرية بضلالهم في عقيدة القدر ونفيهم لعلم الله السابق بما سيعمله العباد وأن الأمر أنف.
وأول من كفرهم بهذا المعتقد عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وأعلن برائته منهم وأنهم منه براء وقال : (لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ )، وقال نحوه الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه . ا.هـ
هل القول بعدم تبديع من وافق المبتدعة في جزئية صحيح على اطلاقه؟
قال الربيع ص 81 : لقد بدع السلف عدداً من العلماء كانوا من كبار أهل السنة بسبب قولهم (لفظي بالقرآن مخلوق) مع موافقتهم لأهل السنة بأن القرآن كلام الله ومخالفتهم لأهل البدع بأن القرآن مخلوق وهذه المسألة إنما هي جزئية . ا.هــ
جزى الله خيراً سماحة الوالد العلامة الربيع على ما قدم من نصرة للسنة وأهلها، وأسأله سبحانه باسمه الأعظم أن يمد في عمره ويحفظه على طاعته.
هذه بعض فوائد هذا الكتاب وهو مليء بغيرها، وفيه من الدرر السلفية -التي تسر كل سني- الشيء الكثير، فمن أحب إضافة المزيد من الفوائد لتعم الفائدة فالباب مفتوح.
وصل اللهم على محمد وصحبه.
0 تعليقاتك تهمنا:
إرسال تعليق