جديد الموقع



الثلاثاء، 19 مارس 2013

القواعد الحسان في صفات الرب الرحمن

القواعد الحسان في صفات الرب الرحمن





بسم الله الرّحمن الرّحيم
القواعد الحسان في صفات الرب الرحمن


الحمد لله ربّ العالمين ، و الصّلاة و السّلام على رسوله الأمين ، و على آله و أصحابه الطّيّبين الطاّهرين ، و تابعيهم بإحسانٍ - من الأثريّين السّلفيّين - إلى يوم الدّين .

أمّا بعد :

فاعلم - يا رحمك الله - أناّ السّلفيّين - كلأنا الله برعايتــه - نُثبت لله - سبحانه - صفاتِ الكمال و الجمال و الجلال كلَّها ؛ الّتي أثبتها - سبحانه - لنفسه ، و أثبتها له رسوله - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ؛ لأنّ الله - سبحانه - هو أعلم بنفسه ، و هو الأحسن قِيلاً ، و الأصدق حديثاً ، و قد تعهّد بحفظ ذكره .

و رسوله - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - أعلم النّاس ، و أفصح النّاس ، و أنصح النّاس للنّاس .

نُثبتها على وجهٍ يليق بجلال الله - سبحانه - و جماله و كماله ؛ بغير تكييفٍ و لا تحريفٍ ، و بغير تمثيلٍ و لا تعطيلٍ ، و لا تفويض .

- فالتّكييف : هو ذكر كيفيّة الصّفة ؛ و الحقّ أنّ الكيف غير معقول .

- و التّحريف : هو تغيير الكَلِم عن موضعه ؛ و هو نوعان :

- تغيير المبنى ،

- و تغيير المعنى .

- و التّمثيل : هو التّشريك بين الأصل و الفرع في كلّ جوانب الشّبه .

- و التّعطيل : هو ترك مدلول اللّفظ في الأسماء و الصّفات ، و تخلية المبنى من المعنى ؛ و هو نوعان :

- تعطيل الله - سبحانه - من أسمائه و صفاته ؛ الّذي هو كفر الجهميّة - لعنهم الله - ،

- و تعطيل الأسماء والصّفات من مدلولها و معناها - مع تسمية الله - سبحانه - بها - ؛ الّذي هو كفر المعتزلة - لعنهم الله - .

و لا نقول - كما يقول بعض أهل السّنّة - : (( بغير تأويلٍ ، ... و بغير تشبيهٍ ... )) ؛ لأنّ :

- ( التّحريف ) ، و ( التّمثيل ) هو لفظ القرآن .

- و لأنّ التّعبير بهما أبلغ في التّنفير عن هذه البدع .

- و لأنّ :

- التّشبيه : هو التّشريك بين المشبّه و المشبّه به في جانبٍ أو جوانب ؛ لكن : ليس في كلّ الجوانب ؛ و ليس هذا منفيّاً .

- أمّا التّمثيل : فهو التّشبيه الكامل .



- و التّحريف : هو الميل عن الجادة ، و بغير دليل .

- فأمّا التّأويل : فله معان :

- منها : التّفسير ؛ و هو القول في معنى المؤوّل بالدّليل .

- و منها : مآل الشّيء ؛ فإن كان خبرً ا فوقوعه .

- و إن كان طلباً فامتثاله .

و التّمثيل يُبنى على التّكييف ، و التّعطيل على التّمثيل ، و التّحريف على التّعطيل .

فمن أصابه داءٌ ليس كمن أرداه اثنان ؛ و ليس الثّلاثة كالأربعة .

- و التّفويض : هو إرجاع العلم في معاني ( الأسماء و الصّفــات ) إلى الله - سبحانه - ؛ و هو شرّ قول الفرق الضّالّة - هذه - كلّها ؛ لأنّه يفتح الباب للمحرّفة و الممثّلة ، و لأنّ صاحبه يدّعي الجهل ؛ و المحرّف و الممثّل يدّعيان العلم .

و نبرؤ إلى الله - سبحانه - من التّفويض - المذكور - في معنى الصّفة ؛ و نفوّض إليه - سبحانه - كيفيّتها - كما سبق - .

و الصّفات - عندنا - نوعان :

- صفات كمالٍ ثبوتيّة ؛ نثبتها - على القاعدة الآنفة - ،

- و صفات نقصٍ سلبيّة ؛ ننفيها ، و نُنزّه ربّ العرش - سبحانه - عنها - .

و نُثبت صفات الكمال إجمالاً و تفصيلاً ؛ فأمّا على وجه الإجمال فبالعقل و النّقل ، و أمّا على وجه التّفصيل فليس إلاّ بالدّليل ؛ إلاّ الصّفات المعنويّة - كما سيأتي - ، و إلاّ الكمالات المُطلقة ؛ فنسبتها إلى الله واجبةٌ من باب القياس الأولويّ .

فأمّا صفات النّقص فننفيها عن الله - سبحانه - و نسلبها و نُنزّهه عنها كلّها ؛ و على وجه الإجمال و التّفصيل ؛ فأمّا إجمالاً ؛ فعقلاً و نقلاً - أي : ابتداءاً - ، و أمّا تفصيلاً ؛ فبالنّقل الصّحيح الموافقه العقل الصّريح .

أي أنّ ( العقل السّليم المستقيم ) قد يدلّ - وحده - على إثبات جميع الصّفات الكاملة لله - سبحانه - ، و نفي الصّفات النّاقصة كلّهــــا عنه - سبحانه - ؛ هذا إجمالاً ، و أمّا على وجه التّفصيل فبالدّليل ، و العقل تابعٌ له ؛ إلاّ ما سلف استثناؤه .

و القاعدة في نفي الصّفات السّلبيّة :

- أن لا ننفي - تفصيلاً - إلاّ ما نفاه الشّرع ؛ خشية نفي ما تظنّه نقصًا في حقّ الله - سبحانه - لكونه نقصًا في غيره ؛ فلا يكون نقصًا في حقّه - سبحانه - - كما سيأتي - .

- و أن يُذكر الدّليل حين النّفي و السّلب ؛ خشية الخلط بين دليل الإثبات و النّفي ؛ فتنفي بدليلٍ لا يدلّ إلاّ على الإثبات ؛ بل ننفي ما نفاه الشّرع ، و نثبت ما أثبت ، و لا نلتزم نفي ضدّ ما هو مثبت .

- و أن نذكر كمال الضدّ في محلّ النّفي ؛ إذ ليس كلّ من نفى النّقص أثبت كمال ضدّه ؛ أمّا نحن ؛ فنثبت كمال ضدّ الصّفة الناّقصة في مكان نفيها .

و الصّفات الثّبوتيّة نوعان :

- صفاتٌ لازمةٌ ذاتيّة : و هي الّتي ما زال الله - سبحانه - و لا يزال متّصفاً بها .

- و صفاتٌ فعليّةٌ طارئة : و هي الّتي يتّصف بها ربّنا متى شاء ، كيف شاء ؛ فلذلك نسمّيها - أيضًا - : ( الصّفات المشيئيّة ) .

و الصّفات الّلازمة نوعان :

- صفاتٌ معنويّة : و هي الّتي قد تثبت - ابتداءًا - بالعقول على وجه التّفصيل ؛ و منها ما يثبتها جهميّة الأشاعرة من : السّمع و البصر ، و الحياة و العلم ، و القدرة و الإرادة ، و الكلام . و يزيدها الماتريديّة صفةً ثامنةً يأباها الأشعريّة ؛ هي : الحكمة .

و الحقّ أنّهم لم يثبتوها اتّباعًا للشّرع ؛ لا ؛ بل تقديسًا لعقولهم !

و ليت شعري ؛ ما الفرق بين هذه الصّفات و بين القوّة و العظمة و العزّة و الكبرياء و الجبروت - و غيرها - المنفيّة - عندهم - عنه - سبحانه و تعالى عن كفرهم - ؟!

ثمّ إنّ هؤلاء الجهميّة - لعنهم الله - لا يثبتون ما أثبتوه ممّا سلف بيانه إلاّ ذاتيّاً لازما ؛ و ما كان منه مشيئيًّا فعليًّا طارئًا فإنّهم لا يثبتونه على هذا الوجه الثّاني ؛ فتأمّل .

- و النّوع الثّاني من الصّفات اللاّزمة هو : الصّفات الخبريّة : و هي ما كانت - فينا - من جنس الأبعاض و الأجزاء ؛ كالوجه ، و اليدين ، و العينين ، و الأصابع ، و الرّجل ، و السّاق . .

و من الصّفات ما هي : ذاتيّةٌ من وجهٍ ، فعليّةٌ من آخر ؛ كصفة : الكلام ، و الخلق ، . .

و من الصّفات ما هي : كمالٌ إذا نُسبت لله - سبحانه - ، نقصٌ إذا نسبت لغيره ؛ كالكِبر ، و العظمة ، و نحوها .

و منها ما هي : نقصٌ إذا نُسبت إليه - سبحانه - ، كمالٌ في غيره ؛ كالزّوجة ، و الولادة ، و النّوم .

و من الصّفات ما هي : ثبوتيّةٌ من وجهٍ ، سلبيّةٌ من آخر ؛ كالاستهزاء ، و الكيد ، و المكر ، و الخداع ؛ فإنّها ثبوتيّةٌ كاملةٌ إذا كانت مقيّدةً بكون ذلك للكافرين المستهزئين ، الكائدين ، الماكرين ، المخادعين ؛ و هي سلبيّةٌ ناقصةٌ بغير ذلك .

و من الصّفات ما لها معنيان ؛ أحدهما كمالٌ مُثبَت ، و الآخر نقصٌ منفيّ ؛ كصفة النّسيان ؛ فهي بمعنى التّرك : كمالٌ مُثبَتة ، و بمعنى عدم الحفظ : نقصٌ منفيّة .

و نتوقّف في صفاتٍ لم يرد فيها إثباتٌ و لا نفي ؛ كالحركة ، و الحدّ ، و المكان ؛ فلا نثبتها ، و لا ننفيها ؛ بل نستبين عن معناها ؛ فإن كان المعنى حقًّا أثبتناه ، و إن كان باطلاً نفيناه .


و هذا آخر المقصود بيانه .

و الحمد لله ربّ العالمين .



و كتب :

أبو عبد الرّحمن الأثريّ
معاذ بن يوسف الشّمّريّ
- أعانه ربّه -
في : الأردن – إربد – حرسها الله -
في : 25 - صفر - 1417 هـ .

0 تعليقاتك تهمنا: