جديد الموقع



الاثنين، 12 أغسطس 2013

غربة اهل السنة

إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا
.
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأ شهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه .
] يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون [
] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [ .
] يَا أ يها الذين آ منوا اتقوا الله وقولوا قَو لاً سَديداً يُصلح لَكُم أَ عما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُو بَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً
أ ما بعد

 روى مسلم في صحيحه عن أبي هـريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : »إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء« 1
 وعن سهل بن سعد الساعدي عن الـنـبي - صلى الله عليه وسلم - قال : »إن الإســلام بدأ غريباً وسـيـعـود غريباَ كما بدأ ، فطوبى للغرباء« قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : »الذين يَصلُحون إذا فسد الناس«2 وروي بزيادة بلفظ : »قيل ومن الــغـربــــاء ؟ قال : النُّزاع من القبائل« 3.
 كما روى عبد الله بن المبارك في كتابه الزهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : »طوبى للغرباء ، قيل : ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال : ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير ، ومن يعصيهم أكثر ممن يطيعهم« 4
قلت/ في الحديث الأول بيان مبدأ الإسلام ، وأنه بدأ غريباً بين الأديان ، وكان أهله غرباء بين الناس ، وكان المستجيب له غريباً بين أهله وعشيرته، يؤذى بسبب ذلك ويفتن في دينه، ويـعـادى على ذلك ، وكان المسلمون صابرين راضين بقضاء الله مطيعين لأوامر رسوله حتى قوي الإســـــلام واشتد عوده في المدينة  فزالت غربته عندما انتشر في أرض العرب ، وكان أهله هم الظاهرين على من ناوأهم.
بدأ غريبا كان اول من دخل الاسلام من الرجال ابو بكر رضي الله عنه ومن النساء خديجة رضي الله عنها ومن الصغار علي رضي الله عنه وكان غريبا بين اهل الكفر لايتبع رسول الله الا القلة منهم منوفقه الله للاسلام
 وسيعود الإسلام غـريـباً كما بدأ (كما هو حال زماننا هذا) لقلة المتمسكين به . وهذه الغربة تزداد شيئاً فشيئاً بسبب دخول فتنة الشبهات والشهوات على الناس 
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأتي زمانٌ على أمتي القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار)،
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله/
 ومعناه أنه يأتي عليه من البلايا والمحن والفتن التي تؤذيه وتضره ما يكون فيها معها كالقابض على الجمر، من شدة صبره على دينه وعلى إيمانه وثباته عليه، كأنه قابض على الجمر من شدة ما يصيبه من الآلام والشدائد في ذلك، وقت الفتن وقت الأذى من الأعداء، والعياذ بالله، وهذا واقع، فينبغي للعاقل إذا بلي بهذا أن يتصبر، وكم قد بلي بهذا في أوقات الفتن وفي الحروب وفي غير ذلك ممن مضى قبلنا وفي وقتنا، فالحاصل أن من ابتلي في أي زمان عليه أن يصبر، قد يبتلى ممن يمنعه من الصلاة أو يؤذيه إذا صلى، قد يبتلى ممن يؤذيه إذا صام فليصبر يصوم ولو سراً، فإذا أوذي في ذلك لا يضره، يصلي ولو أوذي يصبر ويتحمل ولا يدع الصلاة، وهكذا، والله المستعان.
وهذا  كلام نفيس للإمام ابن القيم حول غربة الدين
هو غريب في دينه لفساد أديانهم, وغريب في تمسكه بالسنة ,لتمسكهم بالبدع, غريب في اعتقاده لسوء عقائدهم ,غريب في صلاته, لسوء صلاتهم ,غريب في طريقه, لضلال وفساد طرقهم غريب في نسبته لمخالفة نسبهم, غريب في معاشرته لهم لأنه يعاشرهم على غير ما تهوى أنفسهم

وبالجملة: فهو غريب في أمور دنياه وآخرته, لايجد من العامة مساعدا ولا معينا, فهو عالم بين جهال, وصاحب سنة بين أهل بدع, داع الى رسوله بين دعاة الى الأهواء والبدع ,آمر بالمعروف ,ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معرو ف

وللتوسع أكثر في معرفة صفات الغرباء يمكنك الرجوع إلى

 كتاب "كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة" للحافظ ابن

 رجب الحنبلي رحمه الله.

هذا ولقد بشرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن الحق لن يزال

 ظاهرًا حتى في زمن غربة الإسلام على يد طائفة منصورة،

 فقال: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأت

ي أمر الله. رواه مسلم
ولا شك أن ما أشرت إليه من تغير الناس المستقيمين ومن اقتصارهم على استقامة الظاهر دون الباطن هو من مظاهر غربة الدين. لكن عليك بقول بعض السلف الصالح: لا تستوحش من الحق لقلة السالكين، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين

وننقل لك كلامًا جميلاً لابن القيم في مدارج السالكين، فبعد أن

ذكر صفات الغرباء قال:

فهؤلاء هم الغرباء الممدوحون المغبوطون، ولقلتهم في الناس

 جدًّا سموا غرباء، فإن أكثر الناس على غير هذه الصفات

، فأهل الإسلام في الناس غرباء، والمؤمنون في أهل الإسلام

 غرباء وأهل العلم في المؤمنين غرباء، وأهل السنة – الذين

 يميزونها من الأهواء والبدع – فهم الغرباء، والداعون إليها

 الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة، ولكن

 هؤلاء هم أهل الله حقًّا، فلا غربة عليهم، وإنما غربتهم بين

 الأكثرين، الذين قال الله عز وجل فيهم: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي 
الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ.{الأنعام:116}. فأولئك هم


 الغرباء من الله ورسوله ودينه، وغربتهم هي الغربة

 الموحشة، وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم.

وهذا ماستطعنا عليه نسال الله الاخلاص في القول والعمل

اخوكم ابو عبد البر



الهوامش :
  1صحيح الجامع الصغير ، رقم 1576


2 سلسلة الأحاديث الصحيحة ، رقم 1273.
  3توقف الألباني في تصحيحه وتضعيفه . انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة ، رقم1273.
  2سلسلة الأحاديث الصحيحة ، رقم1619.

 

0 تعليقاتك تهمنا: