سؤال :
فنرى اليوم كثيراً من الناس ينشرون بين أهل السنة بعض المقاطع الصوتية لفضيلتكم تتضمن أنكم قلتم عن بعض القبائل الذين منعوا سير الناس من أهل صعدة من أجل فك الحصار عن أهل دماج: إنهم ممن وقع في قطع الطريق فننصحهم أن يتوبوا إلى الله، فيقولون: إن الشيخ الإمام يتكلم عن مناصري إخواننا في دماج، بل يشيعون أنكم تُخذِّلون عن نصرة دار الحديث بدماج وفي أنفسكم شيءٌ عليهم ويزعمون: أن مما يؤكد ذلك أنكم لم تقنتوا في الصلوات للدعاء لهم فما جوابكم عن ذلك؟ -أثَابَكُم اللهُ-.
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فيقول الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-:﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾[المائدة:2] والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقول: « من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل »[1]. وأدلة الكتاب والسنة آمرة بالتعاون في الحق مع المسلمين عموماً ومع أهل التوحيد والسنة خصوصاً ونحن بحمد الله منذ علمنا بحصار إخواننا في دماج واقفون إلى جانبهم وبذلنا ما بوسعنا أن نبذله؛ دعونا الناس إلى التعاون معهم كل بما يستطيعه بماله أو بجاهه، وتوسطنا عند أكثر من شخص سواء كان من المسؤولين أو من مشايخ القبائل ممن نرى أن له الاستطاعة في فك الحصار، كما دعونا قبائل صعدة خصوصاً في السعي في فك الحصار، وبيَّنا في خطبنا ودروسنا خطر الرافضة والحوثيين وما هم سائرون عليه، كما أننا ندعو لإخواننا آناء الليل وأطراف النهار، ومع هذا فلا تستغرب أن تجد من يصطاد في الماء العَكِر أو يُعَكِّر الماء ليصطاد فيه، وأهل الحق منذ زمن قديم يوجد فيهم من لا يدرك أبعاد الأمور.
وأما قولنا – عن بعض المحبين الذين قاموا بقطع الطريق غَيرةً على إخواننا في دماج-: أن عليهم أن يتوبوا إلى الله؛ لأن هذا من قطع الطريق؛ فهذا ذكرناه لما تكلمنا في خطبة الجمعة عن حكم قطع الطرق فذكرنا هذا استطراداً ليعلم الناس أننا نقول كلمة الحق ولو على أنفسنا امتثالا لقول الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾[النساء:135] ولقد صدق من قال: "أهل السنة يذكرون ما لهم وما عليهم وأهل الأهواء يذكرون ما لهم ولا يذكرون ما عليهم". فالخطأ يحذر منه.
وأما ترك القنوت في الصلوات فهذه من مسائل الفقه التي اختلف فيها العلماء، مَن الذي يقنت؟ ومتى يكون القنوت؟ فلا نبني عليها ولاءً وبراءً، وأنا الذي أراه أن الأمور التي تكون بين المسلمين لا يُقنت فيها، فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كان إذا قنت في النوازل يدعو على الكافرين ويدعو للمؤمنين وقد جَرَتْ بين المسلمين أمور عظيمة، ولم يكن عامة السلف يقنتون فيها؛ خرج الخارجون على عثمان وبغوا عليه، ولم يقنت عليهم -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وكذا لم يقنت الصحابة الذين كانوا في عصره لهذه النازلة .. بل في الأمس القريب ثارت الأحزاب على حُكَّامها فحصل بذلك الضرر العام والخاص، وقُتِلَ مَن قُتِلَ وجُرِحَ من جُرِحَ ولم نقنت في الصلوات، وهكذا ما جرى في محافظة أَبْيَن نزح منها آلاف الأسر بسبب ما جرى من حروب وفتن، ومع ذلك لم نقنت، فلا نجعل مثل هذه المسألة محل ولاءٍ وبراءٍ، بل لما حاصر اليهود أهل غزة ثم ضربوا عليهم بمختلف الأسلحة قنت من قنت من المسلمين وهناك من لم يقنت ومنهم إخواننا في دماج وما أنكرنا عليهم ذلك مع أن المعتدي على أهل غزة هم اليهود، فهذه المسائل مما يسوغ فيها الاجتهاد. والله المستعان.
محمد بن عبد الله الإمام/ بتاريخ 1/2/1433هـ
0 تعليقاتك تهمنا:
إرسال تعليق