|
قال العلامة المحدث الشيخ عبد المحسن العباد معلقاً على هذا الكلام في مقدمة كتاب مدارك النظر :
"وفي صفحة (299) تجد كلاماً ساقطاً لمهيِّج الغوغاء المشار إليه آنفاً [يعني سلمان العودة]، ينعى فيه على خطيب لا يتكلّم في الأحداث السياسية، ويُعنَى في خطبته بذكر أحوال الآخرة والقبر والموت والجنة والنار والبعث والحساب وغيرها!! فإن مجرّد اطّلاعك على هذا الكلام يغنيك عن أي تعليق عليه، ولم يُخْلِه المؤلف من التعليق".
قلتُ: يالها من مصيبة! لا أعتقد أن بعد الاستهانة بالعقيدة مصيبة! أرأيتم ـ يا شباب الإسلام!ـ فعل السياسة العصرية بأهلها ؟!
أرأيتم هذه الصياغة التهكمية بمن يريدون تخليص الناس من النار ؟! آلعقيدة أم فقه الواقع؟!! مع أن المرء لو جهل واقعه لما حال ذلك بينه وبين الجنة، ولكنه لو جهل عقيدته فمن ذا الذي ينجيه من النار؟ فأي الخطيبين أحق بالنعي إن كنتم تعلمون؟ قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً}. وإنه لعظيم جدا بكل مسلم أن يَتصوَّر أحداث الواقع ـ التي تَؤُزُّ الناس
أَزًّا ـ باعث طمأنينة! ومصدر سكينة!! وسبباً لإحياء الإيمان في القلوب!!! ولا يَجِدُ ذلك في أركان الإيمان؟! وكأن ابن القيم سمع ذلك من سلمان فأجابه بقوله: " وكذلك كانت خطبته e إنما هي تقرير لأصول الإيمان: من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه وذكر الجنة والنار، وما أعدّ الله لأوليائه وأهل طاعته، وما أعدّ لأعدائه وأهل معصيته، فيَملأ القلوب من خطبته إيماناً وتوحيداً ومعرفةً بالله وأيامه، لا كخطب غيره التي إنما تُفيد أمورا مشتركة بين الخلائق: وهي النَوح على الحياة والتخويف بالموت؛ فإن هذا لا يُحصِّل في القلب إيمانا بالله ولا توحيدا له، ولا معرفة خاصة به، ولا تذكيرا بأيامه، ولا بَعْثاً للنفوس على محبته، ولا شوقاً إلى لقائه، فيَخرج السامعون ولم يستفيدوا فائدة، غير أنهم يموتون وتُقسم أموالهم ويُبلي الترابُ أجسامَهم، فيا ليت شعري! أي إيمان حصل بهذا؟ وأي توحيد ومعرفة وعلم نافع حصل؟ " ( زاد المعاد 1/423).
أَزًّا ـ باعث طمأنينة! ومصدر سكينة!! وسبباً لإحياء الإيمان في القلوب!!! ولا يَجِدُ ذلك في أركان الإيمان؟! وكأن ابن القيم سمع ذلك من سلمان فأجابه بقوله: " وكذلك كانت خطبته e إنما هي تقرير لأصول الإيمان: من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه وذكر الجنة والنار، وما أعدّ الله لأوليائه وأهل طاعته، وما أعدّ لأعدائه وأهل معصيته، فيَملأ القلوب من خطبته إيماناً وتوحيداً ومعرفةً بالله وأيامه، لا كخطب غيره التي إنما تُفيد أمورا مشتركة بين الخلائق: وهي النَوح على الحياة والتخويف بالموت؛ فإن هذا لا يُحصِّل في القلب إيمانا بالله ولا توحيدا له، ولا معرفة خاصة به، ولا تذكيرا بأيامه، ولا بَعْثاً للنفوس على محبته، ولا شوقاً إلى لقائه، فيَخرج السامعون ولم يستفيدوا فائدة، غير أنهم يموتون وتُقسم أموالهم ويُبلي الترابُ أجسامَهم، فيا ليت شعري! أي إيمان حصل بهذا؟ وأي توحيد ومعرفة وعلم نافع حصل؟ " ( زاد المعاد 1/423).
قلت: إنما أراد ابن القيم الردّ على صنفين من الخطباء، الأول: هم الوعاظ القَصَّاصون، والثاني: هم الذين أنا بصدد الحديث عنهم، فهل يُصَدِّق فقهاء الواقع أن قائل هذا لا يعيش معنا؟ وإنما قاله بما فتح الله عليه من ( فقه النفس ) مع أنه لا يَعرف عن واقعنا شيئا! رحمه الله رحمة واسعة، هذا كلام رجل امتلأ قلبه بتعظيم العقيدة؛ لأنه سلفي، لا كما يقول سلمان في هكذا علَّم الأنبياء!! ص (44):
قلت: هكذا صنيع كل سياسي من هؤلاء الدعاة الراكضين خلف كراسي الحكم؛ ليس لديهم وقت يُضيِّعونه مع العقيدة! على أنهم لا يتضجَّرون من الساعات الطويلة، بل والأعمار المديدة التي أكلتها السياسات! وإن كان الأنبياء قد ضيَّعوا أعمارهم فيها كما يبدو من هذا الكلام؟!
وقال سلمان -أيضاً- في كتابه "صفة الغرباء" (ص122) مزهداً في العناية بسلامة العقيدة:
(( وقد تتحول العناية بسلامة المعتقد إلى رمي للآخرين بالضلال أو الكفر أو الفسق أو البدعة بلا بينة، مع ظن اختصاص النفس بالكمال والسلامة مما وقع فيه الآخرون )) .
(( وقد تتحول العناية بسلامة المعتقد إلى رمي للآخرين بالضلال أو الكفر أو الفسق أو البدعة بلا بينة، مع ظن اختصاص النفس بالكمال والسلامة مما وقع فيه الآخرون )) .